الصفحة الرئيسية / تجار وأصحاب معامل يروون ما تعرضوا له.. من قتل عبارة "صنع في العراق" بعد 2003؟

تجار وأصحاب معامل يروون ما تعرضوا له.. من قتل عبارة "صنع في العراق" بعد 2003؟

المحايد/ ملفات 

منذ عام 2003 وحتى اليوم، دخلت مدينة "بوب الشام" الصناعية، المتنوعة بشتى أنواع الحرف والمعامل والمصانع والدواجن الضخمة، في سبات عميق، إثر الأحداث الأمنية والتغييرات الاقتصادية الهائلة التي عصفت في العراق. 

يقول أحمد زنكنة (65 عاماً)، وهو صاحب أكبر سلسلة معامل إنتاج للمسلتزمات المنزلية في المدينة، إنها  "كانت أحد أهم المراكز التجارية في بغداد، والآلاف من الأيدي العاملة من كل المحافظات كانت تلجأ للعمل في هذه المنطقة الضخمة لكسب قوت يومها". 

ويضيف "بعد سقوط النظام السابق، كل شيء تغير، والكثير من أصحاب المعامل تلقوا تهديدات من جهات مختلفة، واضطروا إلى بيع أملاكهم وإفراغها من كوادرها وتسريح العمال الذين اعتاشوا لسنوات على مواردها المالية". 

ويبين زنكنة أن "جهات حزبية مرتبطة بأجندات خارجية، عملت على إنهاء المنتج المحلي وضرب أي محاولة للنهوض به من أجل خدمة دول معنية، أغرقت العراق بكل المنتجات وبمختلف الأسعار". 

"والآن من يحاول إنشاء معمل بسيط سوف يجد أمامه عراقيل كبيرة، تمنع إكمال مشروعه مهما كان بسيطاً، فالدولة بعد 2003 أصبحت طاردة لكل شيء يحمل بصمة (صنع في العراق)"، يتابع زنكنة.

"رصاصة الرحمة" 

وتسبب فتح باب الاستيراد على مصراعيه بعد عام 2003، بإنهاء المنتج المحلي في العراق، حيث عمد التجار إلى التوجه للمنتج الخارجي والاكتفاء بتسويقه داخل المحافظات، بدلاً من شرائه من المصانع والمعامل المحلية. 

يقول رفعت سالم (54 عاماً)، وهو أحد تجار منطقة جميلة شرقي بغداد: "كانت كل المنتجات الغذائية والمنزلية تأتي إلينا من منطقة بوب الشام، بمواصفات عالية، ولم نكن نحتاج لاستيراد أي شيء من الخارج، كما كان العامل وصاحب المصنع والتاجر، يساهمون جميعاً بإدامة المنتج المحلي حرصاً على استمراره وخشية من حدوث أية أزمة". 

 

ويوضح "كانت الدولة تدعم المصانع بالوقود والآليات والموافقات والطاقة الكهربائية، حيث لم تكن ترغب بحدوث أي أزمة، خصوصاً أن العراق كان واقعاً تحت حصار شديد فترة التسعينيات". 

ويتابع سالم "بعد 2003 تغير كل شيء، مورست شتى أنواع التهديدات والتصفية الجسدية بحق أصحاب المعامل، كانت هناك جهة مختصة باختطاف التجار وكبار المستثمرين، وقتلهم أو أخذ دية مالية ضخمة منهم، دون أن يكون للأجهزة الأمنية أي دور في حمايتهم وردعهم". 

من جهته، يقول الخبير الاقتصادي سمير فرج لـ"ارفع صوتك"، إن "رصاصة الرحمة التي أنهت الإنتاج المحلي في منطقة بوب الشام وغيرها من المدن الصناعية التي كانت منتشرة في بغداد ومحافظات أخرى، فتحت باب الاستيراد على مصراعيه، الذي أدى إلى توجه نحو المنتج المستورد لسهولة تسويقه وتوزيعه ولرخص أسعاره". 

فيما يشير محمود حسين، وهو تاجر في منطقة الشورجة، إلى أن التجار داخل العراق توجهوا بالفعل للمنتجات الخارجية، ولكن "بعد انهيار المدن الصناعية وشحّة المنتج الوطني وغلاء أسعاره مقارنة بالخارجي" وفق تعبيره. 

ويضيف "لسنا مسؤولين عما حصل، وليس هناك منتج وطني حتى نروّجه، وحتى ما يحدث الآن، فهو مجرد محاولات لإعادة الحياة إلى الصناعة العراقية، التي نتمنى لها الاستمرار وتلقي الدعم الكبير من الدولة".

الصناعة: "لدينا خطة"  

في حديثه لوكالة الأنباء الرسمية، قال المتحدث باسم وزارة الصناعة مرتضى الصافي إن "العدد الكلي للمعامل في الشركات 227 معملاً، فيما عدد المعامل العاملة منها 140 معملاً". 

وأشار إلى أن "عدد المشاريع الصناعية العاملة لغاية 30/4/2019، وصل 2248 مشروعاً صناعياً، أما عدد المشاريع الصناعية كاملة التأسيس لغاية 30/4/2019، هو 20415 مشروعاً صناعياً". 

بينما يوجد "18167 مشروعاً صناعياً متوقفاً عن العمل". 

وأوضح الصالفي "أما بالنسبة للسقوف الزمنية فهي ترتبط بتوقيتات تنفيذ إستراتيجية القطاع الصناعي المعتمدة لغاية 2030، فمن  المخطط تحوّل أغلب الشركات العامة إلى القطاع الخاص في نهاية المدة، باستثناء الصناعات الإستراتيجية التي ستبقى مرتبطة بالدولة". 

أسباب توقف المصانع 

وأكد الصافي أن "تقادم المعامل والمصانع والخطوط الإنتاجية الموجودة، فأغلب المصانع تأسست في الستينيات والسبعينيات وتحتاج إلى مبالغ كبيرة لإعادة تأهيلها وتحديثها بما يواكب التطور التكنولوجي الحاصل"، أحد أسباب توقف المصانع.

كما تعرضت غالبية المعامل والمصانع إلى الضرر والتدمير خلال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، لتحرير المدن الخاضعة لسيطرته، خلال السنوات السابقة، حسب الصافي.

ومن الأسباب أيضاً برأيه "عدم وجود جدوى اقتصادية من تشغيل بعض المصانع والمعامل والخطوط الإنتاجية بسبب الاستيراد العشوائي وانفتاح السوق ووجود منتجات مثيلة مستوردة بأسعار رخيصة جداً ومدعومة من الدول المصدرة لضرب المنتج العراقي". 

وتابع الصافي "وهناك أسباب أخرى كثيرة تتعلق بالوضع الأمني لبعض المحافظات والمدن الموجودة فيها هذه المعامل، أو إجراءات الاستيراد للمواد الأولية الداخلة في الإنتاج وغيرها". 

سياسة الوزارة المقبلة  

وقال المتحدث باسم وزارة الصناعة مرتضى الصافي، أن "الوزارة أعدت الخطط والبرامج المدروسة والهادفة لتأهيل المعامل والمصانع والشركات التابعة لها والمنتشرة في عموم المحافظات خلال الأعوام القادمة، وفقاً للمنهاج الحكومي.

والهدف منها "تحسين وتنويع الإنتاج المحلي وتطوير العملية الإنتاجية، بما يعزز سمعة وقوة المنتجات الوطنية في الأسواق المحلية ويعيد الثقة إلى المؤسسات الحكومية بجودة ومتانة منتجات وزارة الصناعة والمعادن"، وفق الصافي.

وأوضح أن "الوزارة اعتمدت عملية التأهيل لعدة مسارات، منها: الاستفادة من مبالغ الخطة الاستثمارية الممولة مركزياً في مشاريع التأهيل، وبالتنسيق مع وزارتي التخطيط والمالية والدخول في عقود شراكة مع القطاع الخاص الرصين والمتمكن، وتضمين تلك العقود أعمال التأهيل، والتحديث للتكنولوجيا وتوقيع عقود استثمار تتضمن قيام المستثمر بأعمال التأهيل والتشغيل للمعامل المستثمرة، كما يلتزم بتسديد نسبة من الإنتاج بموجب الطاقة التصميمية لتلك المعامل".

8-08-2021, 13:46
العودة للخلف