الصفحة الرئيسية / حرب المياه تحاصر العراق.. إيران وتركيا تلفان حبل العطش حول بلاد الرافدين!

حرب المياه تحاصر العراق.. إيران وتركيا تلفان حبل العطش حول بلاد الرافدين!

المحايد/ ملفات
تحاول كل من تركيا وإيران، فرض الحصار المائي على العراق ولف حبل العطش حول بلاد الرافدين، الذي بدأ معاناة مع الجفاف في مناطق متفرقة من البلاد.
ويواجه العراق خطر جفاف نهريه التاريخيين دجلة والفرات، في ظل قيام جارتيه تركيا وإيران ببناء العديد من السدود التي من شأنها تقليص حجم الإمدادات بشكل كبير، بينما بدأت الأزمة في الظهور بالفعل قبل بضع سنوات بوقوع عمليات جفاف غير مسبوقة لنهر دجلة وحالات تسمم للأسماك وكذلك المواطنين في بعض مناطق البلاد.
في نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، خرج وزير الموارد المائية العراقي، مهدي الحمداني، ليعلن أنّ كميات المياه الواردة من تركيا وإيران انخفضت بنسبة 50% نتيجة بناء العديد من السدود والمشاريع على منابع نهري دجلة والفرات.
وفي 2018، كانت تداعيات شح المياه صارخة، عندما أصيب أكثر من 24 ألفاً من سكان محافظة البصرة، جنوبي البلاد، بتسمم نتيجة تلوث المياه واكتظت المستشفيات والمراكز الصحية بهم.
وفي أعقاب هذه الأزمة الصحية، أجرت الحكومة العراقية جولة مفاوضات مع الجارتين بشأن إمدادات المياه، خصوصاً مع تركيا.
وبحسب إحصاءات الحكومة، يستهلك سكان العراق، البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة، 71 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، بينما يتوقع أن يرتفع عدد السكان إلى أكثر من 50 مليون نسمة في 2035، فيما ستنخفض المياه السطحية إلى 51 مليار متر مكعب سنوياً بعد إكمال كلّ مشاريع السدود خارج الحدود. 
وعلى الرغم من زيارات المسؤولين العراقيين المتكررة إلى تركيا، والحديث عن قرب التوصل إلى تفاهمات بشأن ملف المياه، فالبلدان لم يتوصلا حتى اليوم إلى اتفاق نهائي.
وصرح وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني، الأحد، بأن بلاده تحدثت "مع إيران وتركيا للاتفاق على بروتوكول تقاسم المياه، إلا إننا لم نحصل على إجابة حتى الآن"
وأضاف الحمداني، في تصريح صحفي أنه "لا يمكن أن تبقى الأمور بدون اتفاق بشأن الاطلاقات المائية". 
وذكر الوزير أن "الاطلاقات المائية من إيران بلغت صفرا".
وتابع بالقول إن "الأزمة ستتفاقم في محافظة ديالى إذا استمرت إيران بقطع المياه عن أنهر سيروان والكارون والكرخة"، مشيراً إلى "اللجوء للمجتمع الدولي من أجل تقاسم الضرر وإطلاق حصة العراق المائية حسب المواثيق الدولية".
وأكد على ضرورة "اتخاذ حلول لتخفيف الضرر في ديالى بسبب شح المياه"، لكنه أضاف أن "الخزين المائي جيد لتأمين الخطة الصيفية والشتوية ومياه الشرب".
وقررت السلطات الإيرانية مؤخراً، إيقاف الاطلاقات المائية للعراق، بعد قطع الروافد التي تغذي مياه الأنهر، ما أوقع العراق بمواجهة أزمة المياه، خصوصاً بعد ما اتخذت تركيا في السابق خطوات مماثلة، أثرت سلباً على الوضع في العراق، وفاقمت مشكلة الجفاف التي تضرب الأراضي وتؤذي الفلاحين.
والعراق يعد بحاجة ماسة لمياه أنهاره الإقليمية، فهو بلد شبه صحراوي قليل الأمطار، يعتمد في حاجات المائية السنوية على المياه المتدفقة من تركيا وإيران وسوريا، إلا أن دول الجوار اتخذت معه سياسات أحادية، وقللت الإطلاقات المائية، لتصل إلى الصفر كما فعلت إيران. 
واعتُبرت خطوة إيران الأخيرة تجاوزا واضحا لكل القوانين والأعراف التي تُنظم حقوق الدول في الأنهار العابرة للحدود، وهو الأمر الذي دفع الحمداني إلى القول، إن "بغداد ستلجأ إلى المجتمع الدولي، وتشكو إليه عدم إطلاق طهران حصص العراق المائية".
وتفيد التقديرات الدولية بأن حاجات العراق من المياه بأكثر تصل إلى أكثر  70 مليار متر مكعب من المياه، يذهب أكثر من ثلثيها إلى القطاع الزراعي، المعتمد على السري بشكل شبه مطلق في العراق.
وكانت الأنهار والسواقي المائية القادمة من إيران تُلبي ثلث حاجة العراق، بالذات من الأنهار والروافد الكُبرى، مثل نهر الزاب الأسفل، الذي يُغذي بحيرة دوكان التي تتدفق بدورها لتغذي نهر دجلة.
وقام العراق بخطوتين وحيدتين اعتبرتا شكليتين، إذ أرسلت وزارة الموارد العراقية  مذكرة للجانب الإيراني، تطالبه بالالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات التي بين البلدين بشأن المياه المشتركة، وفي المقابل، لم ترد إيران على خطوات العراق.
ويغذي نهر ديالى الكبير الذي تأتي مياهه من إيران بحيرتي دربندخان وحمري، اللتين تشكلان الخزان المائي لكامل منطقة شرق العراق، وتلبيان الحاجات المائية لأكثر من 7 ملايين عراقي، في محافظات السليمانية وديالى وصلاح الدين والواسط.
وهناك نهرا الكرخة وكاراون، اللذان كانا مصدراً تاريخياً لخصوبة جنوب العراق. بالإضافة لمئات المجاري الموسمية، التي كانت تستخدم لسقاية المناطق الحدودية.
وتحججت إيران بقطع المياه، بأن بلادهم تحتاج لهذه المياه، لأن ما موجود لديهم لا يكفيهم، لكنها في الواقع حق لكل الدول، حسب القوانين العالمية لتقاسم المياه العابرة للحدود.
وكان اتفاق سياسي عراقي إيراني قد عُقد عام 1975 بين البلدين، بشأن تقاسم المياه في الأنهار المشتركة، وذلك على هامش اتفاقية الجزائر الشهيرة وقتئذ، التي قسمت مياه شط العرب بين البلدين، لكن رئيس النظام السابق، صدام حسين، أعلن في العام 1980 انسحاب  بلاده من تلك الاتفاقية، واعتبر مياه شط العرب ملكاً كاملاً للعراق.
ويقولون خبراء إن "إلغاء هذه الاتفاقية الهامشية لا تعني إسقاط الحقوق العامة الشرعية للعراق، كما لأي بلد آخر، في مياهه الإقليمية في الأنهار العابرة للحدود، والعراق تعامل مع قضية المياه النابعة من إيران بشكلين مختلفين".
وأسهمت السياسة الإقليمية بشكل كبير بالتصحر في العراق، بعد تحديد الإطلاقات المائية وتقليصها من قبل الجانبين التركي والإيراني، حين بنيا سدوداً وجعلا نهر دجلة يواجه شحّة في المياه، ما أثر سلباً على المياه التي تصل إلى أراضي المزارعين، تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة ووصولها إلى نصف درجة الغليان.
وتسبب شح المياه في نهري دجلة والفرات بسبب السدود التي تبنيها تركيا وإيران، وامتلاء مجاريهما بكمّ هائل من نفايات كلّ المدن التي يعبرانها، بكارثة في شطّ العرب حيث بدأت الملوحة تتسرّب إلى الأراضي الزراعية وتقتل المحاصيل.
وشكلت ملوحة المياه، إضافة إلى الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، ضربة قاضية للقطاع الزراعي العراقي الذي يشكّل نسبة 5 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي ويوظّف 20 في المائة من إجمالي اليد العاملة في البلاد.
وتضرّر سبعة ملايين عراقي من 40 مليوناً، من الجفاف والنزوح الاضطراري، وفق ما ذكر رئيس الجمهورية برهم صالح في تقرير أصدره عن التغير المناخي.
وأقدمت تركيا على إنشاء "سد إليسو" الذي أضاف أزمة جديدة إلى الأزمات المتفاقمة والمتراكمة في العراق منذ عقدين من الزمان، بإقدامها على تشغيل سد "إليسوا" على نهر دجلة لتكتمل أزمات العراقيين بـ"العطش"
ويعد سد إليسو من أكبر السدود المقامة على نهر دجلة، ويقع في جنوب شرقي تركيا وعلى مقربة من الحدود العراقية، إذ يبعد 65 كم عنها، ويبلغ طول السد 1820 متر وبارتفاع 135 مترا وعرض 2 كم، ومساحة حوضه تقدر 300 كم مربع، ويستوعب السد في حالة امتلائه كليا بالمياه ما يقارب 20,93 بليون متر مكعب وهو مشروع كهرومائي على نهر دجلة.
25-07-2021, 15:13
العودة للخلف