الصفحة الرئيسية / "البيت السني".. معاناة يرسمها سياسيون عراقيون بدعم خارجي لمواجهة الزعامة الوطنية

"البيت السني".. معاناة يرسمها سياسيون عراقيون بدعم خارجي لمواجهة الزعامة الوطنية

المحايد/ ملفات
في خضم الصراع الذي يستبق انتخابات تشرين المقبل، يعاني البيت السني من التهميش الذي يفرضه سياسيون بدعم خارجي، لاستخدام المناطق السنية كورقة ضغط في الانتخابات البرلمانية.
 ويسعى المكون السنّي إلى مغادرة مربع المتفرج والمشارك الأضعف تمثيلا وحضورا على الساحة السياسية وسط انقسامات بفعل تنافس وتزاحم بين الشخصيات السنّية فقط لتحصيل موقع في الخارطة السياسية حتى لو اكتفى هؤلاء بلعب دور مكمل لا مؤثر في مشهد لا يخدم العائلة السنّية العراقية في شيء.
ولم يحاول هذا المكون السياسي وبعض السياسيين الذين يتحدثون باسم السنّة ويدّعو تمثيلهم سياسيا، فرض نفسه بما يُعدّل كفة التوازنات الحزبية والسياسية في مشهد استفادت منه إيران إلى حدّ كبير وجنت ثماره بأن زجت بالموالين لها وقوّت شوكتهم بحيث بدوا أكثر تنظيما وأكثر استحواذا على الدولة وعلى كل مناحي الحياة اليومية للعراقيين.
ولم يكن المكون السياسي السنّي غائبا أو مُغيبا عن المشهد العراقي بل كان جزء من صُنع تفاصيله السلبية من خلال حضور بطبقة سياسية اتسمت بالانتهازية وتحصيل مكاسب شخصية ومنافع ذاتية، ارتدت تهميشا وتفقيرا وإقصاء للطبقة التي يدعون تمثيلها فغابت التنمية وتحسين الخدمات والمرافق الخدماتية في المناطق السنّية التي تحوّلت كرها بفعل الظلم المسلط عليها إلى مرتع للتشدد الديني وحاضنة لتنظيم القاعدة ثمّ تنظيم داعش.
وعلى خلاف ذلك، تشهد محافظة الأنبار لأول مرة بعد 18 عاماً من تغيير النظام حملات إعمار وبناء وتطوير للمناطق وتوفير الخدمات لمواطنيها.
وتقف منطقة جرف الصخر التي استولت عليها الميليشيات بالكامل وحوّلتها إلى مستعمرة تستخدم مركزا للتدريب ولتجميع الأسلحة المهرّبة وتخزينها، بموافقة أطراف سنية استفادت انتخابياً من القوى الشيعية.
وتقف المناطق السنّية أيضا التي شهدت في السنوات الأخيرة حربا ضروسا على تنظيم داعش، شاهدة على ضعف دور المكون السياسي السنّي، فتلك المناطق تعرضت للتدمير ودفع أهلها دفعا للنزوح خارجها وعاشوا مآسي إنسانية في مخيمات النزوح وتركوا يواجهون مصيرهم لوحدهم ولم يكن لهم من سند إلا منظمات الإغاثة الأممية مع شبه غياب لدور الدولة.
وفشل الساسة الذين يدعون تمثيل السنّة بشكل كامل في خدمة قضايا مكوّنهم وفي حمايته والدفاع عن مصالحه، خصوصا في أحلك الظروف وأصعب المراحل.
ولا يبدو أن الانتخابات التشريعية القادمة ستأتي بتغيير مفصلي في المشهد العراقي فقد شكلت فرصة للمنظومة السياسية القائمة لإعادة ترتيب أوراقها وإعادة إنتاج لنفس النظام القائم بطبقته السياسية الفاشلة والفاسدة والتي وضعت العراق على حافة الإفلاس والانفجار الاجتماعي.
ويقوم النظام السياسي في العراق منذ 2005 على محاصصة طائفية حيث يقضي بأن تكون رئاسة البرلمان لشخصية من المكون السنّي العربي ورئاسة الدولة لشخصية من المكون الكردي (رئاسة محدودة الصلاحيات) وأما أهم موقع أي رئاسة الوزراء (تنفيذية بصلاحيات واسعة) فمن نصيب المكون الشيعي.
ولا يبدو أن الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها والتي أُقرّت بعد سقوط حكومة عبدالمهدي التي خلفتها حكومة مصطفى الكاظمي لتهيئة الظروف القانونية والإجرائية للاستحقاق الانتخابي، ستأتي بالتغيير المأمول الذي يطالب به الحراك العراقي.
والحتمية القائمة والواضحة أيضا أنه لن تتم عملية إعادة ترتيب أوضاع النظام بعيدا عن أعمدته الأساسية التي قام عليها قبل قرابة الـ18 سنة، والمتمثّلة في الأحزاب والشخصيات السياسية والدينية الشيعية.
وفي خضم المشهد الراهن، انطلقت شخصيات وأحزاب سياسية شيعية في حملة واسعة لخوض الاستحقاق الانتخابي المقرر في صيف العام 2021 حتى أن من بينها من بدأ بالفعل يروج لنفسه وبشكل مبكر وعلني لتولي السلطة وأعطى لنفسه أحقية قيادة الحكومة القادمة. 
وفي المقابل بدت النخبة السنّية المنخرطة في العمل السياسي شبه غائبة عن المشهد الانتخابي الذي تتزاحم عليه النخبة الشيعية.
والمفارقة أن السياسيين السنّة وفي الوقت الذي كان يفترض فيه تشكيل جبهة قوية قادرة على المنافسة، دشنوا حراكا عكسيا لا يخدم قضية السنّة في انتخابات 2021 بل إن هذا الحراك تقريبا كرّس لضرب المكون السنّي من خلال تنافس محموم وصل حدّ محاولات الإلغاء داخل البيت السنّي.
وفيما كان ينتظر أن ترمم الشخصيات السنّية التي لها تجربة سياسية التصدعات في البيت السنّي وتشكيل جبهة موحدة في منافسة التكتلات الشيعية لجهة إحداث توازن في المشهد، تشكلت تحالفات لإسقاط رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
والحلبوسي القيادي السنّي الشاب اعتمد في صعوده السريع على إحدى العوائل السنّية الثرية والتي لها قاعدة جماهيرية في منطقة الأنبار كما اعتمد على تحالفات براغماتية مع قوى شيعية ترغب في احتوائه وضمان بقائه في صفها.
وبات رئيس البرلمان الحالي يثير مخاوف شخصيات سياسية سنّية وجوهها أصبحت مألوفة ومستهلكة سياسيا واقترن ذكرها في الشارع العراقي بالفشل وبالانتهازية السياسية، ما دفعها منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي لإعادة ترتيب أوراقها وتحالفاتها لهدفين أولهما إزاحة الحلبوسي والحفاظ على نفوذها وموقعها ومكاسبها في الخارطة السياسية لما بعد انتخابات 2021.
وتعاظمت مخاوف تلك الشخصيات من القيادي السنّي الشاب الذي سبق قبل توليه رئاسة البرلمان، منصب محافظ الأنبار في أحلك فتراتها بعد نهاية الحرب على داعش في 2017 وما خلّفته من دمار هائل، إلا أنه نجح رغم ذلك في قيادة عملية إعادة إعمار سريعة كان لها تأثيرها الكبير على الدورة الاقتصادية والحياة الاجتماعية وبالنتيجة على الأوضاع الأمنية.
ولم تفلح الكتل السنّية القائمة والتي تسعى وراء تأمين مصالح ضيقة وشخصية طيلة أكثر من عقد ونصف في حلّ الأزمات المتراكمة في المحافظات التي تمثلها والتي تعمقت بشكل أكبر بعد الحرب على تنظيم داعش بين 2014 و2017.
وفي العام 2016 في ذروة الحرب على تنظيم داعش وفي الوقت الذي كانت المناطق السنّية في أمس الحاجة للمكون السياسي السنّي لإسنادها ودعمها في ما واجهته من مآس، اندلع خلاف حاد بين رئيس البرلمان حينها سليم الجبوري ووزير الدفاع في حكومة حيدر العبادي في تلك الفترة خالد العبيدي انتهى بإزاحة العبيدي من منصبه بتآمر من الجبوري مع قوى وأحزاب شيعية.
إلا أن المصالح السياسية والرغبة بالفوز في الانتخابات دفعتهما للدخول في تحالف واحد تحت مضلة الخنجر بعد تأسيسه تحالف عزم.
24-07-2021, 23:10
العودة للخلف