الصفحة الرئيسية / الكاظمي والحشد.. من السترة إلى الاستعراض

الكاظمي والحشد.. من السترة إلى الاستعراض

المحايد/ ملفات 

بعد الخلافات التي حصلت بين رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، وقوات الفصائل المسلحة التي تتهم الأول بأنواع التهم، أظهرت صورة اُلتقطت اليوم خلال الاستعراض، رسائل موجهة إلى عدة جهات، حين احتضن رئيس أركان هيئة الحشد أبو فدك المحمداوي، الكاظمي، ومستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي. 

ولكن، منذ استلام مصطفى الكاظمي منصب رئيس الوزراء، بعد الإطاحة بحكومة عادل عبد المهدي في انتفاضة تشرين، التي انطلقت عام 2019، شهدت العلاقة بين الرئيس الجديد والحشد الشعبي توتراً نسبياً تمثل باتهام الأول بضلوعه في حادثة اغتيال "المهندس وسليماني" قرب مطار بغداد الدولي مطلع العام الماضي.

في الـ 15 من أيار 2020، قام الكاظمي بزيارة مقر هيئة الحشد الشعبي في بغداد، والتقى رئيسها فالح الفياض ورئيس أركان الهيئة أبو فدك المحمداوي ورئيس الإدارة المركزية سلطان الموسوي، وعدداً من قيادات الهيئة، حيث ارتدى الزي الرسمي للحشد الشعبي في بادرة "حسن نية" أمام الجميع.


التوتر بين الكاظمي وفصائل الحشد، كانت بداياته، عندما شهدت علاقة الطرفين "قطيعة غير رسمية"،  أكدتها تصريحات وتغريدات وبيانات من قيادات في الحشد وتهديد ووعيد ضد القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

أول احتكاك

السيف الذي قطع "خيط العلاقة" بين الكاظمي والحشد، تمثل بحادثة "البو عيثة" جنوبي بغداد، والتي اعتقلت خلالها قوات جهاز مكافحة الإرهاب في حزيران من العام الماضي 14 عنصراً من "كتائب حزب الله" كانوا يستعدون لإطلاق صواريخ لاستهداف المنطقة الخضراء، في أول احتكاك فعلي بين الطرفين.

وقابلت هذه العملية قيام الفصائل المسلحة بالنزول إلى شوارع العاصمة ومحاصرة مقر تابع لجهاز مكافحة الإرهاب، وإطلاق تهديد للقائد العام للقوات المسلحة، حيث أصبح العراق أمام مفترق طرق إما حرب أهلية أو السيطرة على الأوضاع الأمنية وعدم إرباك الشارع.


وعملية "البو عيثة" نفذتها قوات مشتركة بإشراف القائد العام للقوات المسلحة، بعد ورود معلومات من جهاز المخابرات أفادت بوجود مخطط لاستهداف معسكر للقوات الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي، وإن المجموعة التي تم اعتقالها كانت واحدة من أصل ثلاث مجموعات متورطة بمهاجمة القواعد والمصالح الأمريكية بما فيها سفارة واشنطن.

وبعد أشهر من حادثة "البو عيثة" وإطلاق سراح المعتقلين الـ 14، نفذت مجموعة من الفصائل المسلحة، استعراضاً عسكرياً بالأسلحة الخفيفة والثقيلة والمتوسطة، وبعجلات عسكرية تابعة للدولة، وسط بغداد، في خطوة وسعت الفجوة بين الكاظمي والحشد الشعبي.

"احتكاك آخر"

وفي العام الحالي وقبل شهر من الآن، أحدثت عملية اعتقال قائد عمليات الأنبار للحشد الشعبي، قاسم مصلح، انقساماً وتوتراً في بغداد، والذي أدى إلى انتشار الفصائل، ومحاصرة المنطقة الخضراء.

وواصلت قيادات الحشد الشعبي، بالضغط على الجهات الحكومية، في محاولة للسيطرة على الأوضاع وعدم انفلاتها، بعد ساعات من الإعلان الرسمي عن اعتقال مصلح، من قبل وكيل الاستخبارات ورئيس لجنة مكافحة الفساد أحمد أبو رغيف.

وأفادت مصادر أمنية، بأن أبو رغيف نفذ أمراً قضائياً باعتقال قاسم مصلح، عن طريق الإنزال الجوي في منطقة الدورة جنوبي العاصمة بغداد، ومع التهديد بإخراج مصلح، تحدثت مصادر لـ "المحايد" عن وجود "اتفاق حدث داخل منطقة الخضراء، بين زعماء سياسيين والجهات الحكومية"، واشارت الى ان مصلح سيخرج وفقاً لاتفاق بين الزعامات العراقية".

وتشير المصادر إلى أن "المفاوضات التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين، وسط المنطقة الخضراء، أفضت إلى عقد اتفاق بين الزعماء السياسيين وقيادات الحشد، حول إطلاق سراح مصلح".

وحصلت "المحايد" على معلومات جديدة تفيد، بأن إطلاق سراح مصلح، جاء على خلفية دخول فصائل الحشد إلى المنطقة الخضراء، ما  أجبر حكومة الكاظمي على موافقتها على إخراجه من المعتقل بشرط مضي عدة أيام على اعتقاله.

مصدر أمني مسؤول، أكد لـ"المحايد"، أن "الاتفاق على إطلاق سراح قائد عمليات الأنبار للحشد الشعبي، تم بين الجهات الحكومية ورئيس هيئة الحشد وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، بشرط عدم تكرار مشهد انتشار الفصائل ومحاصرة الخضراء".

ويضيف المصدر، أن "زعامات الحشد وافقت على الشروط الحكومية، بإطلاق سراح مصلح بعد مرور أسبوعين على حادثة الاعتقال التي نفذها فريق أبو رغيف".

وبعد مرور ساعات على محاصرة الخضراء، وصل زعيم تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس الحشد الشعبي، فالح الفياض ورئيس أركان الهيئة، أبو فدك المحمداوي، إلى مقر الحشد، في محاولة لتهدئة الأوضاع، والاتفاق على إبقاء مصلح في العمليات المشتركة وإطلاق سراحه في وقت لاحق.

وتحدث العامري في تصريح لوسائل إعلام، قائلاً: "طريقة اعتقال مصلح كانت خاطئة، وما قامت به الفصائل من انتشار ومحاصرة المنطقة الخضراء كان خطأً كبيراً"، مشيراً إلى أن "هناك من يحاول تعقيد الأمور وتصعيد الأوضاع لإيصالها إلى الصدام المصلح".

والتوتر الذي أحدثه اعتقال قاسم مصلح كاد يمكن أن يعرض العاصمة بغداد، إلى صدام مسلح بين الفصائل المنضوية تحت هيئة الحشد والقوات الأمنية الأخرى، قبل تدخل قيادات الخط الأول في الحشد والاجتماعات التي حدثت جراء الإطاحة بمصلح.

وتضاربت الأنباء حول أسباب توقيف مصلح، حيث أفادت المصادر الرسمية، أن التوقيف جاء وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب، بعد اتهامه باغتيال عدد من ناشطي التظاهرات العراقية.

وتشير المصادر، إلى أن إيقاف مصلح جاء بعد ضلوعه في عدة هجمات، منها هجمات في الآونة الأخيرة على قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار التي تستضيف قوات أميركية وقوات دولية أخرى، فيما لفتت مصادر أخرى إلى أن اعتقال مصلح كان بسبب ضلوعه في اغتيال ناشطين بمحافظة كربلاء.

وفي خضم توتر العلاقة بين الحكومة والحشد الشعبي، أفضى اعتقال المسؤول الكبير في الحشد إلى توهج الفصائل وقيامها باقتحام المنطقة الخضراء، وتهديد الجهات الحكومية بإطلاق سراحه أو التدخل بالقوة.

وعلى إثر الإعلان عن توقيف مصلح أغلقت السلطات المنطقة الخضراء في بغداد بالكامل بسبب تهديدات من فصائل مسلحة بالانتقام لاعتقال مصلح، وفُرضت إجراءات أمنية مشددة تحسبا لأي طارئ، على خلفية التوقيف.

"احتفالات الحشد بحضور الكاظمي"


وبعد مرور الذكرى السنوية السابعة على تأسيس الحشد الشعبي، حاولت قوات الهيئة منذ أسبوعين تنظيم استعراض عسكري رسمي في العاصمة بغداد، لكن محاولات تنظيم الاستعراض بالعاصمة لم تنجح، حسب ما أفادت به بعض المصادر.

المصادر قالت لـ "المحايد"، إن "الكاظمي وجه بمنع قوات الحشد الشعبي من تنظيم استعراض عسكري في بغداد أعد له عشرون ألفا من عناصر الحشد مع أسلحة متوسطة ودبابات، في الذكرى السنوية لتأسيس هذه القوة صيف العام 2014، ورفض تنظيم الاستعراض في الثالث عشر من الشهر الحالي، ليؤجل إلى نهاية الشهر الحالي". 

واحتفلت قوات الحشد الشعبي اليوم بمناسبة تأسيسها، لكن ليس في بغداد، بل جرت عملية الاحتفال في محافظة ديالى، وسط حضور رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، الذي وقف في الاستعراض، وغرّد بعدها قائلاً: "حضرنا استعراض جيشنا البطل في 6 كانون الثاني، وأيضاً الشرطة الباسلة، واليوم حضرنا استعراض أبنائنا في الحشد الشعبي، وعملنا هو تحت راية العراق وحماية أرضه وشعبه واجب علينا".

وحصل استعراض قوات الحشد الشعبي في المعسكر الذي يقع على بعد 10 كيلومترات من بلدة الخالص شمال مدينة بعقوبة، مركز محافظة ديالى، وكان يمثل المعسكر المعقل الرئيس لجماعة "مجاهدي خلق الإيرانية" المعارضة، والتي انسحبت منه عام 2012، عقب هجمات قادتها جماعات مسلحة وسلسلة تضييق من الحكومة العراقية، انتهت بمبادرة أممية تكفلت بنقل أعضاء الجماعة من العراق إلى دول عدة.   

ويوضح بعض المراقبين السياسيين في العراق، أن "قبول قيادات الحشد الشعبي بجعل الاستعراض في القاعدة التي كانت تمثل المعقل الرئيس لـ (مجاهدي خلق الإيرانية)، دلالة على إيصال رسالة مفادها أنها هيّمنت على المعسكر، ولن ترضى بوجود قوات تحارب إيران وترفض وجود النظام الحاكم الحالي".

 وأفادت المصادر بأن "إيران تضغط عبر ساسة وعسكريين على الكاظمي لسحب اعتراضاته على تنظيم الحشد الشعبي استعراضا عسكريا جديدا في بغداد"، مؤكدة "توتر العلاقات بشكل غير مسبوق بين الكاظمي وقائد قوات الحشد الشعبي أبو فدك".

وأشارت إلى أن "الكاظمي يعتقد بأن ظهور سلاح الحشد مجددا في بغداد، تحت أي ذريعة، سيمثل إمعانا إيرانيا في تحدي الدولة"، ووسط هذه الاستعراضات التابعة للحشد، أعلن حشد المرجعية المقرب من المرجع الديني السيد علي السيستاني عدم مشاركته في الاستعراض العسكري لقوات الحشد الشعبي".
 وتُبرز هذه المواجهة بين الحشد الشعبي وحكومة الكاظمي حجم التحديات التي تواجه العراق وهو يحاول تنظيم انتخابات عامة مبكرة في أكتوبر القادم، يفترض أن تعيد توزيع الأدوار لمدة أربعة أعوام قادمة.

ويرى أحد السياسيين المستقلين، أن "الكاظمي خسر رهانين سابقين؛ الأول الذي عرف بخلية الدورة حين أُلقي القبض على مجموعة من عناصر الحشد، وبعد تدخل سريع وعنيف من عناصر الحشد الذين اقتحموا بوابات المنطقة الخضراء اضطر إلى إطلاق سراحهم، والثاني قضية قاسم مصلح التي انتهت أيضا بإطلاق سراحه".

ورغم مبادرات "حسن النيّة"، التي يطلقها الكاظمي خصوصاً بعد زيارته إلى مقر هيئة الحشد الشعبي وارتدائه زيهم الخاص، وحضوره في استعراض الحشد مؤدياً التحية العسكرية، إلا أن المنصات الإعلامية المرتبطة بفصائل مسلحة، ما زالت تهاجم الكاظمي، وتتهمه بالتخوين والعمالة. 

 

26-06-2021, 17:58
العودة للخلف