الصفحة الرئيسية / مخاوف وترقب في العراق.. المحافظون يحاولون الحصول على الرئاسة الإيرانية

مخاوف وترقب في العراق.. المحافظون يحاولون الحصول على الرئاسة الإيرانية

المحايد/ ملفات 

مع انطلاق عملية الاقتراع في إيران، لاختيار رئيس جديد من بين المرشحين الرئيسيين، وهما رئيس السلطة القضائية المحافظ، إبراهيم رئيسي، ومحافظ البنك المركزي السابق المعتدل، عبد الناصر همتي، تتجه بوصلة المراقبين السياسيين صوب العراق، لمشاهدة تأثير نتائج الانتخابات على الساحة العراقية، وما تشهده من صراعات بين الفصائل المرتبطة بإيران، والقوات الأمريكية.

ودخل إلى الانتخابات الإيرانية فقط رئيسي وهمتي، بعد ما منع مجلس صيانة الدستور عدة مرشحين بارزين من خوض الانتخابات، مع انسحاب مرشحين آخرين، ودُعي أكثر من 59 مليون إيراني، اليوم الجمعة، إلى انتخاب خلف للرئيس المعتدل حسن روحاني الذي لا يحق له الترشح هذه المرة بعد ولايتين متتاليتين.

وبموجب الدستور الإيراني تكون معظم سلطات الدولة في يد الزعيم الأعلى، المنتخب مدى الحياة والمسؤول عن اختيار ستة من أعضاء مجلس صيانة الدستور الـ12، والذي يهيمن عليها المحافظون، ليعتقد الخبير في الشؤون الإيرانية، حسن راضي، أنه في حال فوز رئيسي، ستواجه المحادثات النووية تحديات كبيرة؛ أهمها إضافة بنود تتعلق بالصواريخ الباليستية ودور إيران في المنطقة.
 ومع هذه التوقعات، تبرز المخاوف لدى العراقيين بسبب ما قد تشهده الساحة العراقية من صراعات إضافية بين إيران وأمريكا، تتمثل بإطلاق صواريخ كاتيوشا على الأماكن التي تتواجد بها قوات أمريكية وعراقية، وكذلك بالرد الأمريكي الذي كان يحدث أيام حكم رئيس الولايات المتحدة السابق، دونالد ترامب، حسب ما يقول بعض المختصين.

وأظهر آخر استطلاع للرأي أجراه مركز "إيسبا" الرسمي في إيران، أن نسبة المقترعين في الانتخابات الرئاسية المزمعة في البلاد ستصل إلى 44% من المواطنين ممن يحق لهم التصويت، ليقول المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، خلال مشاركته بالانتخابات، إن "يوم الانتخابات هو يوم الشعب الايراني، الذي سيقرر مصيره ويبني مستقبله في يوم الانتخابات".
 ورغم هذا التصريح الذي أدلى به خامنئي، إلا أن السفير الإيراني في يغداد إيرج مسجدي، خرج بتصريح قائلاً، إن "العراقيين عبروا عن رغبتهم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية"، مشيراً إلى أن "الشعبان الإيراني والعراقي هما نسيج واحد ومتلاحمان ولهما ثقافة مشتركة، وأرض العراق أرض مقدسة بالنسبة لنا".

وأكد السفير الإيراني، أن "المواطنين الإيرانيين المقيمين في العراق شاركوا بشكل ملفت في الانتخابات الجارية"، مضيفاً: "علاقاتنا واسعة مع العراق، وأميركا لا يمكنها أن تبث الفرقة بين إيران والعراق".

وقال بعض المحللين السياسيين لـ "المحايد"، إن "الشارع العراقي، لا يبدو مهتماً بشكل كبير بالانتخابات الرئاسية الإيرانية، لأن الرأي السائد في العراق يتلخص في أن السياسة الخارجية الإيرانية ثابتة ويتحكم بها المرشد الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري وليس رئيس الجمهورية".

وفي رأي آخر أبداه محلل سياسي مقرّب من إيران، قائلاً إن "جملة معطيات مرتبطة بشخصية الرئيس الإيراني المقبل، وقد يكون لها أثر في تخفيف الضغط الإيراني على الداخل العراقي، خصوصاً في حال نجاح المفاوضات في فيينا بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني".

وصرّحَ رئيس مركز "كلواذا" للدراسات، باسل حسين، أن "الملف العراقي يشرف عليه الحرس الثوري ومكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، وبالتالي فإن أي متغيرات في مؤسسة الرئاسة لن تكون مؤثرة على نحو كبير في العراق". 

وأشار حسين إلى أن "إيران الثورة هي التي تقود الملفات في الشرق الأوسط وليست إيران الدولة"، مبيناً أن "السياق الرسمي لإيران يتعامل أكثر مع الملفات الدولية وليس في مناطق النفوذ الصريحة لطهران".

وعبّر حسين عن اعتقاده بأن "فرص رئيسي هي الأعلى في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يعني إدخال الخط المتشدد إلى مؤسسة الرئاسة الإيرانية وزيادة التماهي مع سياسات الحرس الثوري والمرشد".

وفي حال فوز رئيسي بالانتخابات الإيرانية، ستدار إيران بشكل رسمي من قبل التيار المحافظ، الذي يلجأ دائماً إلى التصعيد، مما سيسهم بزيادة الجماعات الموالية لطهران في بغداد، بالفترة المقبلة، وفق ما حلله بعض المختصين. 

وأشار المختصون إلى أن تأخر المفاوضات بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي لعله هو الذي يدفع طهران باتجاه تسليط ضغط إضافي من خلال إيصال التيار المحافظ إلى السلطة، في محاولة لفرض اشتراطات التفاوض بما يتلاءم مع الحفاظ على نفوذ طهران في المنطقة وتحديداً العراق".

ويصف الباحث العراقي المختص بالشأن الإيراني، أحمد الياسري، الانتخابات الإيرانية المقبلة بأنها "أكثر انتخابات مؤثرة في المشهد العراقي"، مشيراً إلى أسباب عدة تُكسِب الانتخابات الإيرانية أهميتها في ما يتعلق بالشأن العراقي، أبرزها "ما يرتبط بثنائية الصراع الأميركي - الإيراني الذي جعل من العراق مسرحاً للمواجهة".
 ومع هذه الانتخابات، فإن "التفاعلات في الداخل الإيراني ومحاولة إزاحة الحركة الإصلاحية وتهيئة الظروف لوصول رئيسي إلى السلطة تعطي انطباعاً واضحاً عن الاستراتيجية الإيرانية المقبلة في العراق"، وفق ما يرى الياسري.

وكان قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق، والمرتبط بإيران، قد أعلن بدء التصعيد ضد الولايات المتحدة الأمريكية في العراق، لتتوالى الهجمات الصاروخية على مطار بغداد الدولي، وعلى السفارة الأمريكية في مطار بغداد الدولي.

ولعل ما يرجح وصول المحافظين إلى رئاسة الجمهورية الإيرانية، حسب الياسري، يتمثل بـ "استمرار استهداف القواعد الأميركية في العراق وحالة التصعيد المستمرة من قبل أذرعها المسلحة"، لافتاً إلى أنه "لو كانت طهران ترغب في إيصال شخصية إصلاحية لما دفعت باتجاه التصعيد بشكل مستمر".

واعتبر الياسري أن "وصول مرشح كرئيسي إلى رئاسة الجمهورية يعني إعلان نهاية المشروع الإصلاحي، ومحاولة لإعادة القوة إلى اليمين الشيعي المتطرف في العراق، والتحوّل بشكل صريح إلى الاستراتيجيات العسكرية لإخضاع العراق بشكل أكبر للنفوذ الإيراني".

وعلى الرغم من التوقعات المتشائمة بشأن تأثير الانتخابات الإيرانية على المشهد العراقي، فإن باحثين يرون أن "وصول رئيسي سيمثل نقطة تحوّل في ما يتعلق بسياسة إيران الخارجية، وربما يتمكن من الجمع بين الرؤى المختلفة داخل إيران تجاه الاتفاق النووي، الأمر الذي سيقلل من الضغط على العراق".

وبدا الضغط واضحاً في العراق، عقب اغتيال زعيم فيلق القدس، قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، لأنهما كانا قادرين أن يوقفا الهجمات المتتالية على القواعد الأمريكية، إذا ما جلست الحكومة معهما وفاوضتهما لحفظ "ماء الوجه" حسب ما أكده مراقبون. 

وتزايد الغضب الشعبي في العراق بما يتعلق بالنفوذ الإيراني، خصوصاً في السنوات الأخيرة، وبعد تظاهرات تشرين، إذ يتهم العراقيون طهران بالعمل على زعزعة استقرار البلاد وتقوية الميليشيات، فضلاً عن تحميلها مسؤولية ما جرى من قتل للمحتجين والناشطين خلال التظاهرات. 

ورأى أحد المحللين السياسيين، أن انتفاضة أكتوبر العراقية مثّلت "انعطافة كبيرة في كيفية تعاطي إيران مع الملف العراقي، وهو الأمر الذي تبدو تجلياته حاضرة في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يجعل التيار المحافظ يحاول السيطرة على البلاد بشكل كامل، من خلال رئاسة محافظة متشددة، وتوجيه متشدد من خامنئي".

ويتوقع محللون آخرون، أن "تمثل الانتخابات الإيرانية حدثاً فارقاً بالنسبة إلى العراق، لأن طهران تجاوزت مرحلة اللعبة المزدوجة وباتت أكثر وضوحاً في محاولة تغليب الجماعات المسلحة الموالية لها في المنطقة".

ومع هذه الإشارات، خرجت إشاعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بأن المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني يدعم أحد المرشحين في الانتخابات الإيرانية للفوز بالرئاسة، ليسارع مكتب السيستاني في قم إلى نفي الخبر، وتأكيد عدم دعم المرجع، لأي مرشح في الانتخابات الإيرانية.

18-06-2021, 13:41
العودة للخلف