الصفحة الرئيسية / منفذ حدودي بين العراق وإيران "يتحول ليلاً لساحة حرب"

منفذ حدودي بين العراق وإيران "يتحول ليلاً لساحة حرب"

 

المحايد- ملفات 

 

"لا نعرف أن ننام بطمأنينة نحن القريبين من منفذ الشيب الحدودي مع إيران، فالليل يعني تحوّل منطقتنا لساحة حرب، بين المتنفذين الذين يفرضون الإتاوات ويسيطرون على موارد المنفذ، وهم من عشائر المحافظة ومن الفصائل المسلحة"، يقول سامح البهادلي، وهو موظف بريد في المنفذ.

 

وبين فترة وأخرى، تشتعل الصراعات المسلحة في منفذ الشيب الحدودي العراقي مع إيران، جنوب محافظة ميسان، وعادة ما تسفر تلك المواجهات عن قتلى وجرحى، دون تدخل حكومي لإنهاء معاناة السكان هناك. 

 

وبشكل رسمي، تم افتتاح منفذ الشيب عام 2010، لكنه كان ممراً مستمرا للبضائع والسلع المهربة طيلة السنوات السابقة.

 

ومرت من خلاله مئات الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع القادمة من إيران بشكل يومي، إضافة إلى آلاف القادمين سنويًا لزيارة العتبات الدينية في الكاظمية والنجف وكربلاء وسامراء وغيرها.  

 

"الليل لهم"  

يوضح البهادلي (55 عاماً) والذي ينحدر من منطقة المشرح بميسان، "النهار لنا، كموظفين وعاملين بالمياومة في منفذ الشيب الحدودي، وقد اتخذنا من المناطق المحاذية للمنفذ مساكن لنا، بينما الليل للمتصارعين على الموارد، ويحدث خلاله ما لا يحدث بين أكبر عصابات في العالم". 

 

ويتابع: "لا يسلط الإعلام المحلي الضوء على الصراعات المستمرة داخل المنفذ، لكننا نعرف ما يجري وبالأسماء، وفي نفس الوقت نخاف على حياتنا وحياة عوائلنا، فمن يسيطر على واردات المنفذ لديه الاستعداد لفعل أي شيء مقابل الإبقاء على نفوذه". 

 

وبشكل رسمي ومعلن، قرر مجلس محافظة ميسان خلال عام 2017، غلق منفذ الشيب لمدة 10 أيام، ذاكراً في بيان رسمي، أن "السبب يعود إلى نشوب نزاع عشائري على واردات الميزان في المنفذ، وعدم استفادة المحافظة من وارداته".  

 

وفي منتصف سبتمبر 2020، تفقد رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي، منفذ الشيب الحدودي مع إيران، للاطلاع على سير لعمل فيه ومتابعة الإجراءات ومراحل الفحص وعمل الموازين وانسيابية النقل في المنفذ، كما أكد مكتبه الإعلامي، أن "الكاظمي استمع إلى شرح مفصّل قدّمه المسؤولون عن المنفذ الحدودي، والعقبات التي تواجه العمل وآليات تجاوزها".   

 

تهريب بالجملة 

يروي المصدر الأمني (س.ح)، وهو ضابط يعمل داخل المنفذ، تحفظ الكشف عن اسمه، أن "فصائل مسلحة معروفة، تابعة لجهات سياسية تقاسم كل شيء في المنفذ، من عمليات التهريب إلى الإتاوات حتى بيع وشراء المناصب فيه". 

 

ويؤكد أن زيارة الكاظمي للمنفذ "لم تحدث فرقاً، لأن الجهات المتحكمة هناك لا تعمل وفق أي ضوابط أو شروط مطلقاً". 

 

ويشير إلى أن "المتنفذين بقوا يعملون بشكل خفي، طيلة أيام الاغلاق العام الذي اعلنته الحكومة، لمواجهة وباء كورونا، وما اتخذ من اجراءات في المنافذ الحدودية لم تسر بشكل كامل على المنفذ". 

 

ويؤكد (س.ح) أن "التهديد يتم بشكل علني، لأي شخص يحاول كشف ملفات الفساد داخل المنفذ، بل أن هناك جهة تشتري وتبيع المناصب لمن يدفع أكثر، مقابل الابقاء على نفوذها فيه، وهذا ما يعرفه كل الموظفين والعاملين في المنفذ الحدودي". 

 

"ويكاد يكون المنفذ الذي يشهد أكبر عمليات تهريب مع إيران، فالبضائع والسلع والمواد الغذائية، تدخل بشكل علني عبر قنوات التهريب، ورغم كل التقارير المرسلة من بعض العناصر الأمنية إلى القيادات العليا، إلا ان ذلك لم يحدث فرقاً". 

 

وأكد النائب السابق عن محافظة ميسان خزعل السلمان، أن "منفذ الشيب الحدودي مع إيران بقي يعمل خلال فترة الإغلاق العام لمواجهة وباء كورونا"، مشيراً إلى أن "الجهات المسؤولة عنه، لم تستجب لقرارات اللجنة العليا لمواجهة وباء كورونا، بسبب ضعف السيطرة الحكومية المركزية هناك".  

 

وفي العراق، يوجد أكثر من 30 منفذًا على حدود سوريا، والأردن، وإيران، وتركيا، والسعودية. 

 

ضياع الأموال 

في نفس السياق، يقول الخبير الاقتصادي لؤي الطرفي، إن "واردات المنفذ التي تقدر بأكثر من 60 مليار دينار عراقي تضيع بين جيوب الفاسدين والمتنفذين والجهات السياسية والحزبية التي تسيطر عليه". 

 

ويضيف أن "السيطرة الرسمية على منافذ العراق الحدودية، تعني إضافة المليارات من الدولارات لميزانية الدولة، التي هي بأمس الحاجة الآن إلى ما يساعدها على النهوض بالبلاد التي تعاني من تركة اقتصادية ثقيلة، قد تنذر بانهيار تام، إذا ما تعرضت أسعار النفط لأي انخفاضات جديدة". 

 

وفي نوفمبر العام الماضي، أعلن الكاظمي في مؤتمر صحافي إطلاق "خطة جديدة للسيطرة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية". 

 

وقال إن "هناك هدراً بالمال يقدر بمليارات الدولارات، بسبب عدم سيطرة الدولة على المنافذ الحدودية البرية والبحرية، جراء وجود جماعات خارجة عن القانون تحاول السيطرة على الأموال".

30-10-2021, 11:14
العودة للخلف